تعد المرأة
شريكا أساسيا في تحقيق أهداف التنمية وتطوير المجتمع، ولقد شهدت العقود الأخيرة
وخاصة فترة ما قبل الحراك العربي اهتماما متزايدا بالدور الذي تضطلع به المرأة
داخل المجتمعات العربية، وخصوصا أنه لا يمكن حدوث أي تحولات أو تقدم دون دور فاعل
للمرأة. ولقد فطنت الدول الغربيةلهذا الأمر ولأهمية تفعيل دور المرأة داخل
المجتمع،وآمنت بان لا تقدم فعلي دون إشراك المرأة في جميع المجالات السياسية
والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، و وعلى هذا الأساس صدرت العديد من
الاتفاقيات منذ القرن الماضي
ومن جهتها فقد
انتبهت الدول العربية لأهمية إشراك المرأة في عملية التغيير والتنمية الشاملة
وبناء مجتمع ديمقراطي فعلي، وأصبحت تحتل حيزا هاما من النقاش خلال السنوات
الأخيرة.
وتبقى قضية
المرأة محك حقيقي لتقدم وتطور للشعوب العربية، ودليل على توازن المجتمع وانتقاله
إلى مصاف المجتمعات الديمقراطية، بل أن هناك ارتباط وثيق بين تحرر المجتمع وتحرر
المرأة، ومقياس لمدى انفتاحه نحو الداخل كما الخارج.
وعلى غرار باقي
الدول العربية فإن قضية المرأة ومشاركتها في جميع مناحي الحياة داخل المجتمع احتل
حيزا هاما من النقاش والجدال داخل المغرب استطاعت من خلالها المرأة تحقيق قفزة
نوعية على جميع المستويات، وحققت مكاسب مهمة في مجالات سياسية واقتصادية وقانونية،
وهو ما جعل البعض يطلق عليها اسم الثورة البيضاء. وخاصة في العشريتين الأخيرتين
حيث لم يكن من الممكن عزل هذه القضية عن مسلسل الانتقال الديمقراطي الذي انخرط فيه
المغرب منذ القرن الماضي، ولان تقدم المرأة هو أحد مرتكزات تعزيز الانتقال
الديمقراطي وبناء الدولة الحديثة.
ويبقى النهوض
بحقوق المرأة ونشر ثقافة وقيم المساواة والإنصاف، خيار وضرورة تتحملها كل مكونات
المجتمع المغربي سواء تعلق الأمر بالسلطات العمومية والجكومة، أو المنظمات غير
الحكومية و كل قوى المجتمع المدني.
لكن ما عاشته
وتعيشه المرأة المغربية لم يكن وليد اللحظة بقدر ما كان نتيجة مجهودات وصراعات
خاضتها المرأة والرجل على حد سواء مع وجود العديد من العراقيل القانونية
والمجتمعية والسوسيولوجية، وعلى هذا الأساس ستتطرق هذه المقالة إلى واقع المرأة
بالمغرب ومسلسل الرهانات والمكتسبات التي خاضتها، وإلى أي مدى تحقق التمكين
السياسي والاجتماعي والاقتصادي للمرأة المغربية في ظل الإصلاحات التي تبناها
المغرب وفي ظل تحولات الحراك العربي؟
تشكل المرأة
المغربية أزيد من نصف ساكنة المغرب، ويغلب عليها الطابع الشبابي، وهو ما شكل احد
أهم الدوافع التي جعلت من انخراطها داخل المجتمع بشكل فعلي أمرا ملحا على اعتبار
أن المرأة شريك أساسي في تحقيق التنمية المجتمعية وليس مجرد تابع.
ولقد سجلت
العشرية الأخيرة تقدما ملحوظا لدور المرأة والذي جاء نتيجة لتضافر العديد من
العوامل ومن أهمها تنامي حركات ديمقراطية وحقوقية تجسدت في نضالات الحركات
النسائية وحضورها بشكل مكثف في مختلف هيئات المجتمع المدني.
غير أن تفكيك
البنية التقليدية للمجتمعات العربية ومن بينها المغرب لعب دورا أيضا في هذا التغير
المجتمعي، حيث أصبحت المرأة تلعب دورا محوريا داخل اصغر خلية في المجتمع أي الأسرة
وبالتالي داخل المجتمع ككل.
وبالعودة إلى
الدستور المغربي الجديد لسنة 2011 نجده ينص في تصديره على أن المغرب "يرتكز
على مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية"، كما نص في فصله
السادس على أن "تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم
الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في
الحياة السياسية"، أما الفصل التاسع عشر فقد أكد على أنه "يتمتع الرجل
والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية
والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في هذا الباب من الدستور وفي مقتضياته
الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في
نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها"
وبما أن المغرب كان ولا زال يقول بتبنيه للنظام
الديمقراطي فقد كان لا مناص من أن يتبنى مقاربة إشراك المرأة في كل مناحي الحياة،
وعلى هذا الأساس أكدت حكومة التناوب (1998 ـ 2002) و العاهل المغربي ومنذ توليه
العرش سنة 1999 بالتزامه بالنهوض بمكانة النساء وتحسين أوضاعهن.
0 التعليقات :
إرسال تعليق